تختلف الجوائز الأدبية في العالم، لكنّها تصب في هدف واحد مكافأة الكاتب، ورفع مستوى المقروئية، وإنجاح المشروع الثقافي. تُمنح الجائزة من طرف لجان تحكيم، قد تتألّف من شخصيات أدبية وإعلامية، أو من طرف مجموعات معنية مباشرة بالقراءة مثل طلاب المدارس والجامعات، أو قرّاء جريدة أو مجلة، أو متابعي برنامج أدبي على الراديو أو موقع على الشبكة العنكبوتية.
هكذا نشأت أهم الجوائز الأدبية في العالم، وتطوّرت بتطور وسائل التواصل والإعلام.
يختار النّاشرون عادة بعد تشاورٍ مع كتابهم الجيدين الجوائز الأكثر ملاءمة للمشاركة بأعمالهم، فليست كل الجوائز مناسبة لما ينشر، وهذه طريقة غير معمول بها في العالم العربي الجديد في ميدان الجوائز، إذ لا تزال المعايير عندنا متشابهة وغير واضحة تماما لتفضيل عمل عن آخر.
بعض الأعمال تُجمع في قائمة واحدة بفوارق صارخة في مستويات اللغة والبناء وطرح الأفكار الجديدة، حتى أننا نصدم أحيانا بتتويج عمل بالجائزة يكون هو الأضعف في القائمة الطويلة مثلا، وهذا الأمر المؤسف حدث مرارا وتكرارا في جوائز مرموقة ما أدى إلى التشكيك في مصداقيتها.
لا تزال لجان تحكيم جوائزنا العربية ترتبك أمام الأسماء الأدبية الكبيرة، أو الأسماء المرفقة بلقب، كأن يكون الكاتب وزيرا، أو مسؤولا مهما في جريدة ذات سلطة، أو صاحب علاقات مع شخصيات من ذوات النفوذ، كما قد تنسف كل المعايير الأدبية لصالح موقف سياسي لراعي الجائزة.
هذه "المعايير الخفية المشوهة" تنسف أعمالا أدبية جيدة، كما تجعل بعض الكتاب يكتبون وفقها من أجل الحصول على الجائزة وقيمتها المالية، فيجنح البعض لمغازلة ميول سياسية معينة، كما تلجأ بعض الدور لاصطياد الأسماء الكبيرة وترشيحها متفادية ترشيح نصوص جميلة لأصحابها مجهولي الأسماء، حتى أننا نجد البعض يحصد عدّة جوائز بعمل واحد، وهذا يناقض تماما أهداف الجائزة التي يجب أن تكافئ الكاتب المجتهد، كونها بهذا السلوك اللاأخلاقي تتحوّل لعقاب قاس له، مرَسِّخة فكرة الفساد في الأوساط الثقافية بامتياز، بعد ابتعادها عن هدفها الحقيقي كـ"آلية فعّالة لمكافأة التّفوُّق" و"وسيلة تسهم في التنمية الثقافية، وتحفيز الإبداع".
لكن أين تكمن الصدمة بعد أن تنسدل الستائر وتنطفئ أضواء الاحتفالات الضخمة المرافقة لهذه الجوائز؟ في الغالب تأتي من بائعي الكتب، إذ إن تقديمهم للكتب الفائزة كضمان للجودة وطمأنة القارئ، قد يأتي بنتائج مغايرة لما قررته لجان التحكيم.
قد نخدع أول دفعة من القراء فنبيع أول طبعة من الكتاب الفائز ثم الثانية وربما الثالثة، وقد يترجم لعدة لغات حية، لكن هذا الكرنفال الوهمي لا يستمر إذا ما اكتشف القارئ أنّه مخدوع، وإذا ما أهملت وسائل الإعلام الغربية العمل المترجم لضعفه، يصبح الفائز مجرّد مهرّج مسكين أدى دورا أكبر منه والسلام، وعدا المبلغ الذي دسه في جيبه، يلاحقه الشعور بالخسارة إلى الأبد.




http://www.alriyadh.com/1875921]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]