كنت أبحث قبل فترة عن توصيلة كهربائية في الأسواق، اعتدت على شراء المنتجات الألمانية نظرا لجودتها ومأمونيتها العالية، لم أجد المنتج الألماني في المكان الذي كنت أتسوق منه، لكن لفت نظري منتج سعودي لشركة معروفة كان أحد الأصدقاء قد حدثني عن جودتها العالية خصوصا في مجال الموصلات الكهربائية، حملتها بيدي لأقرأ معلومات المنتج، الوزن الثقيل وجودة المواد المستخدمة والتفاصيل الدقيقة عن مستوى الأمان قادتني لاقتنائها.
شعرت بالفخر لأن منتجا صنع في وطني بهذا المستوى من الإتقان، تذكرت حديث أحد الأصدقاء ممن يعملون في مجال الجودة، قال لي إن تجار الجملة في قطاع المقاولات الذين يأتون من دول الخليج، يحرصون على المنتج السعودي نظرا لارتفاع جودته مقارنة بما يعرض في الأسواق. برنامج صنع في السعودية الذي أعلن عنه وزير الصناعة والثروة المعدنية مؤخرا هو أحد الممكنات الرئيسة لرؤية المملكة، ويستهدف توحيد الجهود في مجال الصناعات المحلية لتغطي الطلب في الداخل ولتنافس دوليا أيضا، وصولا إلى رفع صادرات المملكة غير النفطية إلى 50 % بحلول العام 2030. بهذا البرنامج نحن ندخل أرضا بكرا، إذ ليس لدى العالم تصور مسبق عن الصناعات في المملكة، ولا يعلم حتى الآن ما إذا كانت الصناعة السعودية رديئة أم عالية الجودة، هذا التصور هو ما سنخلقه نحن في السنوات المقبلة فإذا استطعنا أن نفرض نظاما صارما ومعايير دقيقة على جودة التصنيع مع المحافظة على الأسعار المنافسة؛ فسنتمكن من التموضع على خارطة الجودة العالمية وستسوق عبارة "صنع في السعودية" لنفسها، أما إذا تراخينا في تطبيق معايير الجودة فإن النتيجة ستكون كارثية لسمعة المنتج السعودي وقد يستغرق إصلاحها عقودا طويلة من الزمن.
هذه العبارة التي تتكون من ثلاث كلمات وتدل على بلد المنشأ، كانت حاسمة في دعم اقتصادات دول أو تهاويها، المستهلك يبحث عن هذه العبارة فإذا وجد كلمة اليابان أو ألمانيا لم يتردد في اقتنائها، ولم تصل هذه الدول إلى الثقة الغالية من المستهلك إلا بعمل صارم على معايير الجودة يطبق على جميع الكيانات الصناعية التي ستمهر منتجاتها بهذه العبارة المقدسة.
"صنع في السعودية" يجب أن تكون شعارا لا يسمح بمنحه إلا لتلك المنتجات التي تجاوزت جميع اختبارات الجودة، وأثبتت أنها بالفعل تليق بتمثيل بلادنا محليا وعالميا، لأن ثقة المستهلك صعبة المنال، وإذا فقدت فإن عودتها تتطلب بناء جديدا يستغرق سنوات طويلة.




http://www.alriyadh.com/1879027]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]