في مقارنة بسيطة بين ما تقدمه منصات إلكترونية من دراما مثل "نتفليكس" وما تقدمه قنوات فضائية عربية هذه الأيام من أعمال تعتبر الأجود على الإطلاق في سباق الدراما الرمضانية، نقف متسائلين: ترى هل يمكن للدراما التلفزيونية العربية أن تدهشنا فيما حياتنا اليومية بوقائعها أكثر إدهاشاً؟ وهو الواقع الذي لا يراه صُنّاع الدراما عندنا فيلجأ البعض إلى اختلاس مَشاهد من نتاجات غربية وإعادة صياغتها باللغة العربية، هذا إذا لم يأخذ عملاً بأكمله وأجرى عليه تعديلات تناسب ذوق المشاهد العربي، فيما يجتهد البعض الآخر لمحاكاة أفلام الأكشن الأميركية عسى أن يقتلع قلوبنا بمشاهد الضرب والتكسير وإطلاق الرصاص؟
هل ما نراه من دراما عربية خضوعٌ لجحافل المبدعين للذائقة العامّة؟ ونزولٌ لطلباتها التي لا تتجاوز رؤية الفخامة التي تعوّض حرمانها في الواقع؟ فنرى المخرجين يتسابقون على ملء عيوننا بالأزياء الجميلة والسيارات الفارهة والبيوت التي تشبه قصور ألف ليلة، أم هو وهم شخصي بمجاراة النتاج العالمي؟
علينا أولاً أن نفهم دور الدراما، إن لم تكن وسيلة لرؤية الواقع بشكل واضح فما دورها؟ وإن لم تكن محرِّكًا أساسياً لحواسنا العميقة وقوانا الإدراكية المعطّلة أو الخامدة فما الفائدة منها؟ يُفترض أن يكون دور الدراما عظيماً ليس فقط كنتاج جمالي يشمل عناصر المتعة والتسلية في آن، بل كعمل جادلا يستعبط المشاهد.
نعم هناك بعض الأعمال التي يمكن استثناؤها، وهي قليلة، وأحياناً تغيب عنا في زحام ما يُعرض، لكن الغالب على ما يُقَدَّم لنا غير مقنع، حتى أن بعض الأعمال التي تحصل على نسبة مشاهدة عالية تستفزك كـ"مشاهد ذكي" لتعداد أخطائها، على مستوى السيناريو، والإخراج على الأقل، كأن يصادفك مشهد يفترض أن يكون صباحياً تخرج فيه إحدى الشخصيات للعمل فيما أذان الظهر أو العصر ينبعث مناقضاً الحوار المحكي تماماً، يليه مشهد آخر في نفس المسلسل يضرب فيه كاتب السيناريو المواقيت عرض الحائط، هذا غير كمية السجائر التي دخنت في كل مشهد وكأنّها من ضروريات العمل الدرامي.
في مسلسل آخر يروي قصة أوجي سمبسون ومحاكمته الشهيرة بعد مقتل زوجته على منصة نتفليكس، ورغم توتر فريق المحامين المترافع عنه، وفريق النيابة العامة، لا تُشعل سيجارة واحدة، يعتمد كل ممثل على قدراته في الأداء، فيوصلها لنا أحياناً بصمت بليغ، وأداء مدهش دون الاستعانة بسيجارة واحدة.
الواضح أن الأعمال الدرامية تُسلق سلقاً قبل بدء شهر رمضان، وتلقى في وجوهنا بكل هذا الكم من المواد السامة، تُصوّب أسلحة إلى رؤوسنا من كل نوع، ويُطلق الرّصاص عليها بشكل عبثي لا نفهمه، أليست هذه وقاحة؟
الأكيد أنها كذلك، كما أن أي مقارنة بين الدراما الغربية والعربية محاولة بائسة لتصويب أخطائنا، فما الحل؟
بكل بساطة "الإتقان" فقط لا غير.




http://www.alriyadh.com/1882164]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]