أن تكون لديك رؤية يعني ألا تتخبط في الظلام. ألا تعيش على التسويف وانتظار ما قد تجود به الاحتمالات، ويعني أيضا أن تبدأ التخطيط وتعمل باستماتة لتحقيق أهدافك، وبدون هذه الرؤية والاستبصار بالمستقبل، تكون قد وضعت مصيرك في مهب ريح عاتية؛ احتمالات نجاتك من دمارها ضئيلة جدا.
هذا ما حدث تحديدا قبل خمس سنوات، عندما انطلقت رؤية المملكة 2030 على يد عرابها سمو ولي العهد، كنا بحاجة للإجابة عن الأسئلة الملحة الكبرى التي ستحدد ملامح مستقبلنا القريب؛ كيف نتعافى من إدمان النفط؟ ماذا لو نفد مصدر قوتنا الأساس، والعامود الفقري لاقتصادنا، ماذا لو تسارعت البدائل وأصبح الذهب الأسود مجرد مادة سائلة لا قيمة لها، هل جودة الحياة التي كنا نعيشها هي أفضل ما يمكن تحقيقه، كيف من الممكن أن نقفز في المؤشرات الدولية من تصنيفات متأخرة إلى الصفوف الأولى.
جاءت رياح التغيير عاتية قبل خمس سنوات لتقلب الكثير من السواكن، أصبح الخيار هو مسابقة الزمن لتحقيق أكبر قدر ممكن من الإنجازات، التنبؤات المتشائمة بمستقبل النفط بدأت تتحقق، قطاع السيارات الذي يعد أحد أكبر مستهلكي النفط تحول باتجاه البطاريات الكهربائية وهذا مؤشر مقلق في تراجع اعتماد العالم على النفط وبالتالي انخفاض قيمته. ولذلك جاءت انطلاقتنا باتجاه التغيير في وقتها تماما، وبدأت صادراتنا غير النفطية في التزايد نحو تحقيق الهدف.
ما يميز الرؤية هي أن نتائجها لن تحقق فجأة بعد انتهاء سنواتها الخمس عشرة، بل إن أثرها يمكن تلمسه تدريجيا في حياتنا اليومية على طول الطريق، فجودة الحياة الآن لا تشبه ما كانت عليه قبل عدة سنوات، التحول الرقمي، وبرامج دعم الإسكان، وتحسن الخدمات جعلتنا نشعر بالفرق، كل مكان تذهب إليه فتجده أفضل، وكل خدمة استحدثت أو طورت لتجعل حياتك أسهل هي بطريقة أو بأخرى ذات علاقة بالرؤية.
المملكة في تاريخها لم تشهد حركة تنموية كما تشهدها الآن، بيئات العمل الحكومي نفضت عنها الجمود والتكلس الذي كانت تُعرف به، الجميع يعمل بأقصى طاقته، وتلك الجهات التي لا تعمل أصبحت توصم بالتخلف، وأنها تعيش في زمن ما قبل الرؤية، ولن تلبث أن تتغير أو يطالها التغيير، فالمرحلة الرشيقة التي نمر بها لا تحتمل أوزانا زائدة.
وأخيرا، ما زلنا في النصف الأول من خطتنا نحو تحقيق كامل الخطة، كان هناك الكثير من الدروس التي تعلمنا منها وتراكمت لدينا كخبرات قيمة. ما تحقق مبهر وما ينتظرنا أفضل بكل تأكيد، فنحن نملك كل العناصر اللازمة لنجاح المعادلة.




http://www.alriyadh.com/1882625]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]