اتصالاً بحديث ولي العهد الذي رأى ضرورة وجود مركز قوي للدولة، فإن لدى الدولة أدوات كثيرة لرفع كفاءتها، والعمل يجري اليوم كما يتضح لكل متابع ضمن رؤية 2030 إلى إعادة هيكلة المؤسسات تدريجيا بناء على إيجاد مجالات عمل مشتركة بخلق منظومات عمل كبرى. لكن إضافة إلى إعادة هيكلة المؤسسات فإن فاعلية عملها مرتبطة بآليات اتخاذ القرار فيها، وتتسع الدائرة لتشمل آلية اتخاذ القرار في المنظومة ممثلة بأعضائها.
ومن وسائل رفع فاعلية العمل المؤسسي تبني مقاييس للنضج، ومع شيوع مقاييس مختلفة للنضج إلا أن أهدافها متشابهة، وهي رفع قدرة المؤسسات على اتخاذ القرار وتنفيذه، فمن مظاهر المؤسسات غير الناضجة أو التي يتدنى فيها مستوى النضج، صدور القرارت دون اعتبار حقيقي للظروف المحيطة، ونتيجة للمخاطر التي تهدد منظومة العمل من الداخل أو من الخارج فإن قدرة تنفيذ القرارات تضعف. فمن القرارات ما ينفذ على الوجه المطلوب، ومنها ما لا ينفذ إطلاقا أو على أقل تقدير، يبدأ التنفيذ ثم يتوقف، فحسب نوع القرارات، منها ما ينفذ بمجرد اتخاذه ومنه ما يحتاج خطوات طويلة، وإذا نفذ العمل بنجاح فقد ينفذ مبكرا وينجز متأخرا وبكلفة أعلى من المطلوب.
في المنظومات التي يعلو فيها مستوى النضج، نجد أن منظومة العمل قادرة على السيطرة على ظروفها المحيطة. فعندما يتخذ القرار، فلدى متخذه وعي بمتطلبات التنفيذ والمخاطر التي يمكن أن تهدد قدرة المؤسسة على تنفيذه. ففي مستويات النضج المتوسطة تفاوتت القدرة بين قطاعات المؤسسة، وفي المستويات الأعلى تكون القدرة شاملة للقطاعات كلها. ففي مستوى النضج الأعلى يصبح العمل استباقيا حيث تبدأ المؤسسة في إدراك المخاطر والتخطيط لتجنبها، بناء على معلومات مستقاة من بيانات تحدث باستمرار.
في المستوى الأعلى من النضج يكون لدى القيادي وعي بقدرات مؤسسته، وعي مبني على حقائق ملموسة، ليصل القيادي إلى هذه القدرة، لا بد له أن يستثمر في بناء منظومة معلوماتية تتدفق فيها بيانات ميدانية ضمن إطار واسع للحوكمة يشمل جميع مستويات المؤسسة. نتيجة لذلك، يتوفر لدى قائد المؤسسة وطاقمه معلومات دقيقة لقدرة مؤسسته على التنفيذ، فتكون لدى المؤسسة معلومات الإنتاجية، ومعلومات الإنجاز التي تتضمن التعثر والتقدم، ما أنجز حسب الخطة، وما تأخر إنجازه، إلى غير ذلك من المعلومات. وبناء على المعلومات التي لدى المؤسسة يكون لديها علم بما تستطيع تنفيذه وما لا تستطيع، فإما أن تكون قادرة فتنفذ، وإما أن تعجز فتصلح.
إذا وجدت لدى المؤسسة معلومات مهمة عن نفسها، ما تجيده من عمل وما لا تجيد، تكونت لديها شفافية كاملة لمواجهة الواقع؛ فلا يُقدم على قرار بناء على انطباعات ذاتية، بل على معرفة تستند إلى حقائق موضوعية، فإذا اتضحت لدى المؤسسة قدراتها كان بإمكانها توجيه طاقاتها التطويرية لمعالجة مكامن الضعف التي تعتور عملها.
http://www.alriyadh.com/1885839]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]