إلى علم شربل وهبة ومن يحذو حذوه: المملكة ماضيةٌ في شقِّ طريقها نحو مزيد التقدم والازدهار، ولا تلتفت إلى ثرثرة المتشدقين، وهي مُتشرِّفةٌ بكونها تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده محمد بن سلمان، حفظهما الله ووفقهما إلى الارتقاء بهذا الوطن الغالي.
تستحق المملكة العربية السعودية أن يُنظر إليها بعين الاحترام، وأن يكون الحديث عنها بلسان الإنصاف والإعزاز؛ فلم تأل جهداً في المساعي الحميدة التي يستحق صاحبها الإكرام، ولا شك أن عقلاء العالم ومنصفيه يحترمونها ويتحدثون عنها بلهجةٍ ملؤها التوقير، لكن هناك فئاتٌ كثيرةٌ متنوعةُ المشارب والتوجهات يجمعها الحقد والحسد والعمالة آثرت التنكُّب عن جادَّة الإنصاف، فأقدموا على التطاول عليها وإطلاق ألسنتهم في التهجم عليها، وأغرب ما يحصل من ذلك ما يقع لبعض أغمار الساسة حين يتطاولون عليها، ومن نماذج ذلك ما تفوه به وزير الخارجية اللبناني حيث تطاول على المملكة في قناةٍ فضائيةٍ ومن خلال برنامجٍ حواريٍّ على الهواء، ولي مع ذلك وقفات:
أولاً: أن الحاقدين على المملكة حين يتطاولون عليها يُجانبهم التوفيق ويخذلهم الحظُّ -ومن شأن الظالم أن يكون مخذولاً-، وذلك أنهم يتكلمون بمنطقٍ أعوج سخيف، ويلوكون عبارات جوفاء ومزاعم واهية يتلقفها التالي عن السابق، ولا ينطلي بطلانها ولو على الصبيان، فيظهر للناس من خلال ذلك أنهم الطرف الذي تُعوزهُ الحجة، وينطلق من أرضيةٍ هشَّةٍ لا تستند إلى حقيقة، (وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ)، وهذا بالضبط ما حصل للرجل، فمن المفروض أنه يعي أن للحوار والنقاش آداباً وضوابط لا يلتزمها إلا من تهذبت أخلاقه، وحسنت تربيته، وامتلك الثقة في نفسه، ولو وَعَى ذلك لسما بنفسه عن بذاءة اللسان، ورداءة الأخلاق، وفجور الخصومة، والتلفظ بما لا يتناسب مع مكانة أصغر رجلٍ عاقلٍ، فكيف بمن يشغل منصب وزير خارجية ضارباً بالأعراف الدولية، والبروتوكولات الدبلوماسية عرض الحائط، وكأنك تنظر إلى رجلٍ شوارعيٍّ يفتقر إلى بدهيات وأبجديات الأدب والأخلاق، فهو المتضرر بهذا التصرف الأرعن، والمملكة لا تتشرف بمدحه لو ظلَّ يمدحها آناء الليل وأطراف النهار.
ثانياً: أن هذا الوزير يُظهر من خلال تطاوله على المملكة العربية السعودية أنه ليس أهلاً للمسؤولية التي تسلَّمها، وأنه مستعدٌّ لخيانةِ شعبِهِ ووطنِهِ، وذلك بعدمِ احترامِ علاقة بلده مع دولةٍ تربطه بها مصالح لا تخفى على أحد، ويزداد قبح هذا بكون الدافع الذي أغراه بهذا التطاول هو العمالةُ لحزبٍ شيطانيٍّ هو الأداة التي يُزعزعُ بها أعداء الأمة البلدان، ولا يمكن أن الوزير يجهل ذلك، ولما كان مدركاً لهذه الحقيقة لم يجرؤ على خوضِ نقاشٍ هادفٍ من مقاصده الوصول إلى الحق؛ لأنه غير مستعد للالتزام بالحق لو تمخَّضَ عنه، ولا ينوي العمل بموجبه، هذا إن ظننا به بعض الشطارة وإلا فظاهر أمره أنه خالي الوفاض من الحنكة واللباقة اللازمين لهذا المقام، وإلا لم يسلك بنيات الطريق، فالسبُّ والشتمُ، والتعييرُ والاتهامُ بضاعةُ قليلي الحياء والمروءة، ولا يُقدمُ عليها العاقل، وهي ممجوجةٌ مطلقاً، حتى ولو كانت موجهة إلى من هو مُكتَنَفٌ بالعيوب، فما بالك إذا وُجِّهت سهام الشتم والتعيير إلى كرامِ الناس وأهل الفضل والمجد فهنا يتفاقم قبحها؛ إذْ قبحها الذاتي الذي لا ينفك عنها ينضاف إليه قبحٌ آخر وهو كون الشاتم قد بَهَتَ الكرامَ.
ثالثاً: من العجيب أن تُعيِّرَ خصمك بألقابٍ هي ممدحةٌ له، وأن تصفه بأوصافٍ هي منقبةٌ له، وكما قيل: (أراد أن يذمَّ فمدح)، وأيُّ عارٍ في البداوة، أليست مصدرَ عِزٍّ وشموخٍ ورفعةٍ ؟ أليس الخليفةُ العادلُ فخرُ العربِ وعِزُّ الإسلامِ والمسلمين عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد حرص حين احتضاره على أن يُسابق الموت بأهمِّ الوصايا ومن بينها الوصية بأهلِ باديةِ العرب، ووصفهم بوصفٍ مشرِّفٍ -وهم أهلُ الشرف- فقال: (فَإِنَّهُمْ أَصْلُ الْعَرَبِ، وَمَادَّةُ الإِسْلاَمِ)؟ أيأبه من يكيلُ لهم عمرُ هذا الثناء العطر بتطاولِ شربل ؟ لا والله، بل يُفترضُ أنه لو جاء ودوَّنَ مدحَهُ لهم بجوارِ كلمات عمر النورانية ونظائرها مما مُدحوا به، لطمسوا مدحه بأقوى الطوامس إن لم يكن عليهم أن يقطعوا تلك القطعة من السجل أصلاً، ثم إن المملكة العربية السعودية من أهم الحواضر على وجه المعمورة، وما من حضارةٍ شريفةٍ محترمةٍ إلا وتحترم المملكة، وتتقرَّبُ إليها، فهنيئاً لشعب المملكة عِزَّة البدو التي لا تعرف الاستكانة، وبريق الحضارة المتألق في شتى ربوعها، ولا عزاء لحقودٍ لا هو بدويٌّ عزيزٌ ولا هو حضريٌّ يؤبه به، فلا إلى هؤلاء والا إلى هؤلاء.
وأخيراً: أود أن يُنْمَى إلى علم شربل وهبة ومن يحذو حذوه أن المملكة العربية السعودية ماضيةٌ في شقِّ طريقها نحو مزيد التقدم والازدهار، ولا تلتفت إلى ثرثرة المتشدقين، وهي مُتشرِّفةٌ بكونها تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده محمد بن سلمان، حفظهما الله ووفقهما إلى الارتقاء بهذا الوطن الغالي.




http://www.alriyadh.com/1886349]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]