زاملت الصديق العزيز الدكتور إبراهيم عبد العزيز الدعيلج - رحمه الله - عاماً كاملاً في "جريدة المدينة" بل إن قرار تعييننا في الجريدة، صدر في يوم واحد؛ وكلانا كان في نفسه عتب على القائمين على إدارة الجريدة أو تحريرها، في ذلك الوقت (1978م)، وهو ما حدى بي، للعودة إلى عملي الذي أُعرت منه في مدينة الرياض بعد عام واحد، من ممارستي العمل في مقر الجريدة في جدة. كان "إبراهيم الدعيلج" ودوداً مرحاً محباً للحياة والعلاقات الاجتماعية، ولم يخالجني شك ونحن نلتقي يومياً أنه من دون أعداء. كان طموحاً ومجتهداً، في الأعمال الموكلة إليه. وكان حالما ينتهي العمل في الجريدة، مع بداية الاستعداد لإنجاز الطبعة الأولى، يعود إلى أسرته في مكة. كان مكتبه بجانب رئيس التحرير، الصديق العزيز "أحمد محمد محمود"، الذي كان يبز الجميع في خبرته وإقدامه ودعمه العاملين معه.
وكان مكتبي في الدور الأرضي، بجانب القسم الرياضي الذي كان يديره "عبد العزيز شرقي الغامدي" ومعه "حسن باخشوين"، ذلك القسم كان أكثر أقسام الجريدة إثارة، وهو الوحيد الذي كان يذكرني بأفلام "الأكشن"، ففيه من المرح والنقاشات والأصوات العالية الكثير، والذي لا يكتمل في القسم من تلك النقاشات، قد يكتمل في المقهى المجاور لسوق الخضار والمحكمة، والذي من أبرز معالمه في المساءات المتأخرة، المسيرات المنتظمة للجرذان. ولم يكن يخالجني شك أن القسم الرياضي في أي صحيفة، كان يساهم إلى حد كبير في الإقبال عليها، وفي كسبها للأعداء والأصدقاء على حد سواء، خصوصاً إذا كان العاملون فيه أهل هوى، لفريق دون فرق أخرى! في كتابه الجديد الممتع (رحلة الأيام) الحافل بالذكريات والوقائع الذي صدر قبل وفاته، سجل "إبراهيم الدعيلج" بالقلم والصورة ملامح عن تجربته، دارساً وموظفاً وكاتباً، فقد تولى بعد تركه صحافة المؤسسات، رئاسة تحرير عدة مطبوعات في رابطة العالم الإسلامي، مع الانخراط في الدراسات العليا، حتى حصوله على درجة الدكتوراه، ومن ثم العمل في المجال الأكاديمي. هذه العزيمة، وهذا الإصرار، يعطياننا مثالاً، على شخصية ناصعة البياض، في مجتمع، مثله مثل أي مجتمع، لم يكن يخلو من أعداء النجاح. لقد وجدت في ذكريات "الدعيلج"، ما يجعلني قريباً من بعض اهتماماته: هواية الطوابع، وارتياد "المراكيز" أو المقاهي، وحتى سنة الولادة، واسم الابن الأول، وصولاً إلى يوم التعيين، والخروج على مضض من صحيفة أحببناها، وإن كانت لم تبادلنا حباً بحب، أو هكذا كنا نتصور يوم خرجنا منها!
http://www.alriyadh.com/1889001]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]