استكمالاً لمقال سابق عن مشروع نظام الانضباط الوظيفي الذي وافق عليه مجلس الشورى، أشارت الحيثيات إلى اختلاف المرحلة التي صدر خلالها نظام تأديب الموظفين الحالي عن المرحلة الحالية.
بهذه المقدمة أعود إلى هذا الموضوع، وأبدأ بكلمة (تأديب) وأجد أنها لم تكن مناسبة كونها تنشر أجواء السلبية والإحباط. جاءت كلمة الانضباط لتنظر للموضوع بصورة شاملة بمفهوم الحقوق والواجبات. التأديب ينطلق من النظرية التي تفترض أن الإنسان يكره العمل ولا يستمتع به ويتهرب من المسؤولية وينتظر التوجيه من الآخرين ومحدود الطموح، وتحركه الحوافز المالية فقط، وبالتالي يجب إجباره على العمل ويأتي النظام الذي يستند على هذه النظرية ليضع قائمة بالمخالفات وما يقابلها من جزاءات، أما النمط القيادي حسب هذه النظرية فهو نمط مركزي متسلط يركز على الرقابة الشديدة ولا يثق بالآخرين ولا يقبل الرأي الآخر أو النقد. أما المفهوم الشامل للانضباط وكان من المناسب تسميته نظام الحقوق والواجبات فهو ينطلق من نظرية أخرى عكس النظرية السابقة تماماً. هذه النظرية تنطلق من توقعات إيجابية وتثق بأن الإنسان لديه رقابة ذاتية وأن طاقته وإنتاجيته لا تحركها الحوافز المادية فقط. النمط القيادي حسب هذه النظرية يطبق مبدأ التفويض، ويتيح فرصة للمشاركة، ويعمل على تعزيز الانتماء، ويولي أهمية قصوى للحوافز المعنوية.
الكمال لا يتوفر لا في النظرية الأولى ولا الثانية، في كل نظرية ايجابيات وسلبيات، ولذلك فإن تحقيق التوازن أمر مهم فلا يمكن مثلاً الاعتماد الكلي على الحوافز المادية وإغفال الحوافز المعنوية، وهناك من يرى أن التحفيز المعنوي أكثر تأثيراً على المدى البعيد من التحفيز المادي. في ظني أن نظام الانضباط الجديد يحاول تحقيق التوازن بالاستناد الى النظرة التفاؤلية دون إغفال للرقابة والجزاءات وقد رأى معدو النظام أن (الانضباط) يحقق هذا التوازن بين الحقوق والواجبات. بهذا المفهوم فإن الانضباط يعني القيام بواجبات العمل وتحمل المسؤولية وأخلاقيات الوظيفة والانتماء والمشاركة والإخلاص والالتزام بمعايير الجودة. مخالفة الأنظمة والتقصير في أداء واجبات العمل أمر وارد ولهذا يكون من الضروري عدم الاعتماد الكلي على نظرية واحدة في تطبيق الأنظمة وفي الأنماط القيادية.
http://www.alriyadh.com/1890863]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]