المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين - حفظهما الله - تساهم في حلول ومشكلات عالمية كبرى على كل الأوجه المتعددة بلا بيع أو شراء، وهو ما عهدناه في تكوين الشخصية البدوية الأصيلة التي تهُبّ للنجدة والمساعدة والقيادة والريادة مهما كلفها ذلك..
نحن نعلم أن ثاني أكسيد الكربون هو ما يلوث البيئة وهو المدمر الحقيقي لها، وهو ما تجتمع عليه المؤتمرات العالمية إلى يومنا هذا، للتقليل من انبعاثاته ومسبباته. لكننا نرى في ذات الوقت سوقاً عالمياً رائجاً لشرائه من الدول العظمى وغيرها والتي فيها أعلى انبعاثات في كرتنا الأرضية، والمدمرة للغطاء الأوزوني!
إن كل المحاولات العالمية اليوم ما هي إلا للتقليل والتحجيم لهذه الانبعاثات، والتي صنفها علماء البيئة بالمدمرة، ولقد كتبنا في مقالات سابقة أثر ذلك على المناخ وما سببه اليوم في أزمة اقتصادية مقبلة لا يعلم مداها إلا الله، نتاج الأثر الكبير على المحاصيل من جفاف ومن سيول وغير ذلك، وقد سبق أن طرح سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله - مبادرتي (السعودية الخضراء أو الشرق الأوسط الأخضر) وذلك لخفض انبعاثات الكربون ولإبطاء آثار التغير المناخي وإعادة التوازن البيئي، من خلال تنفيذ مجموعة متنامية - من أجل إعادة التوازن البيئي- تنفذ الآن بمشاريع مذهلة ليست في زيادة النطاق الأخضر فحسب بل في كل مشاريع الطاقة المتجددة، وتفعيل مبادرات لتقليل الانبعاثات الكربونية وتزويد المباني والصناعات المختلفة ووسائل النقل، بالطاقة اللازمة بكفاءة وفاعلية. "فقد تم اعتماد ما يزيد على سبعة مليارات دولار أمريكي سنوياً في الحلول التي تساهم في تخفيض نسبة انبعاثات الكربون من قبل مبادرة شركات النفط والغاز بشأن المناخ (OGI) السعودية والتي تمثل أرامكو السعودية عضواً مؤسساً لها" كما ذكر المصدر.
وذلك يتمثل في مبادرة الشرق الأوسط الأخضر برعايته - حفظه الله - في قمة الرياض للمناخ وبمشاركة دولية واسعة يتصدرها رؤساء وقادة العالم والتي افتتحها في مدينة الرياض في شهر أكتوبر من العام 2021، وذلك من أجل رسم خريطة إقليمية لحفظ طبيعة الحياة ورفع جودتها في مبادرة سبقت كل المبادرات العالمية في تحجيم الكربون ورفع خطره البيئي تقدمها المملكة العربية السعودية لصنع الفارق العالمي في حفظ الطبيعة والإنسان والحيوان لتحديات التغيّر المناخي. ومن ضمن هذه الإسهامات العالمية والتي وردت في خطاب سموه في هذه القمة زراعة 50 مليار شجرة في المنطقة، وهو ما يعد أكبر برنامج زراعة للأشجار في العالم ويساهم في تحقيق 5 % من المستهدف العالمي للتشجير.
بعد هذه المبادرة الكبيرة محلياً وإقليمياً وعالمياً ظهر لنا مصطلح جديد وهو سوق الكربون العالمي وهو بكل المقاييس مصطلح تجاري يمكن البلدان من شراء أو بيع وحدات من انبعاثات الاحتباس الحراري لم تكن السعودية طرفاً فيها على الإطلاق، وإنما أراد العالم طرح هذا المصطلح في محاولة منه للالتزام بالحدود الوطنية المسموح بها للانبعاثات، وذلك بموجب البروتوكولات الدولية (كيوتو).
هذا المصطلح أطلقته الصين والتي تعد من أكبر الدول نسبة في الانبعاثات العام 2006، وهي بذلك كأنها تستجدي العالم في مساعدتها للحد من هذه الانبعاثات، ولكنها هنا تريد الاستثمار أيضاً، ولو فيما نتج من عوادم وغازات فهي ذلك البلد المصنف بالاستثمار العالمي في كل شيء حتى ولو في غازات الكربون التي تحدثها مصانعها وعرباتها وكل نواتج الكربون منها. وبذلك يتوجب على كل الدول نشر نسبة الانبعاثات منها لكي تعرضها في السوق وتطرحها للبيع بأن يتم تمويل مصادر هذه الانبعاثات وتخفيضها، فتقول جريدة الشرق الأوسط في عددها (15572 /السبت / 17 يوليو/ 2021): "يرى الاقتصاديان نيكولاس ستيرن وجوزيف ستيغليتر أن سعر طن الكربون يجب أن يتراوح بين 50 و100 دولار بحلول 2030 في كل مكان في العالم".
العالم الآن يحكمه السوق والأخذ والعطاء والمتاجرة في سوق عالمي حتى ولو كان ذلك على حساب الطبيعة والإنسان والحيوان وكل ما خلق الله، المهم كيف يتاجر، وكيف يعرض مخلفاته، وكيف يعرض فضلاته؟ لكي يساوم بها في سوق عالمي.
وذلك يذكرني بنص مسرحي كتبته العام 1996 (حالة اختبار)، وكأنه استشراف لهذا الواقع اليوم، فالمسرحية فكرتها بعد فناء العالم تماماً فلا يبقى سوى آلات وهي التي تتحكم في مصير الحياة عن طريق الاستمتاع بالفضلات واستثمارها ولا سيما في الشخصية الرئيسة لهذا النص وهي شخصية صندوق الطرق (السيفون).
ومن كل ما سبق نجد أن المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين - حفظهما الله - تساهم في حلول ومشكلات عالمية كبرى على كل الأوجه المتعددة بلا بيع أو شراء، وهو ما عهدناه في تكوين الشخصية البدوية الأصيلة التي تهُب للنجدة والمساعدة والقيادة والريادة مهما كلفها ذلك.




http://www.alriyadh.com/1919432]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]