في كل الثقافات والحضارات وعلى مرّ العصور.. هناك ثنائية دائمة بين الفن والحب، قامت عليها الحكايات ورواتها، والقصائد وشعراؤها واللوحات ورساموها، والصورة ومخرجوها إلخ.. ولأن الفن رابع مصادر الإجابة على أسئلة الوجود، بعد أن تعهّد الدين بتقديم الحلول الغيبية، والعلم الحلول التجريبية، والفلسفة العقلية منها.. بعد كل هذه القيمة الوجودية للفن.. يحق لنا أن نتساءل ما الذي فعله الحب الذي لازم الفن طوال تاريخه، وعلاقته بالإنسان على الأرض، ونحن لا نرى في سيرتنا عليها إلا حرباً هنا، ودماراً هناك.. هكذا ببساطة على مستوى اللغة.. ليس إلا راء توسّطت هذا الحب.. نسفت كل ما قيل عنه وله في الفن حيث أخرجته من جنون العناق لفنون الفراق، ومن جنة اللقاء لطقوس العزاء.. فأخذته بالتالي من جغرافيا الحياة لتاريخ الموت.. ومن سرير الوجود.. لرماد الوقود..
أقول ما الذي تخفيه وراءها هذه الراء لتفعل كل هذا.. ثم أستعين بذاكرتي على ما أريد.. فأجد أن كثيرًا من أفعالنا الرائيّة استعلائية أو تملّكية أو حتى عدائية.. هكذا مثلاً كما تداهنني ذاكرتي: (ردَع/ رفس/ ركب/ رجم/ راوغ/ رابى/ رجع/ رمى).. أعلم أن هناك أفعالًا أخرى قد لا تحمل هذه الرؤيا كما أشاء، لكنني بالفعل مهووس بما فعلته هذه الراء في الحب.. كيف خلّفت لنا صورة الإنسان الذي استأنس في الحياة كل شيء ثم نسي نفسه، كيف كتبت هذه الراء تواريخ الأمم السابقة بالدماء، بل كيف جعلت من انتصاراتنا قتلاً ومن هزائمنا قتلاً.. هذا على مستوى اللغة أما على مستوى الأنظمة الوجودية على الأرض.. فلم تتعامل مع الحب إلا بما تستثمره فيه لذاتها حتى بدا لنا أحياناً أن الحب حالة متطورة من الأنانية المركّبة.. لاسيما في عصرنا الرأس مالي هذا، وعليه فلنا أن نتساءل دائما ما الذي فعله الحب وقد ولد عاجزاً كما يبدو عن تحقيق قيمته الوجودية في كل العصور والثقافات، فاكتفى بالجانب التخييلي من الواجب.. وترك الإنسان يدير حتى قيم الحب ومبادئه بما يتواءم مع أنانيته ونزعته الأبدية للصراع..!
فاصلة:
كانت تؤكّد للفراشات التي مرّت
بقرب جبينها..
أنّي أنام على غصون الوقت عصفورًا
لأصحوَ وردةً
قالت: أشمّ به شؤون الطقسِ
أو حتى غواية لفتتي
وأرى بغفوته الظلام
كانت تردد بينما أحصي حروف المدّ فوق لسانها
وأقول: يا آه السلام
كنا سماء الصمتِ.. نهمس بالعيونِ
ولا نرى غير الحروف.. تراقب النظرات
تخجل أن تقول.. أنا الكلام..!
http://www.alriyadh.com/1935830]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]