من أهم أسباب تقدم الأوطان وازدهارها وجود مواطنين يؤمنون بأهمية الوطن، فيؤدون عملهم بكل أمانة واحتراف وتواضع، وهذا يتحقق بزرع القيم والعادات الجميلة في وقت مبكر من حياة الطفل، ووضع الأسس للتربية المتوازنة بتثقيف العقل وتهذيب النفس والخلق..
كلاهما على ثغر مهم من ثغور الوطن، في الكتيبة العسكرية رجال يضحون بأرواحهم من أجل الحفاظ على وحدة الوطن وأمنه وحماية حدوده، رجال لهم منا كل الحب والوفاء والتقدير والاحترام. وفي رياض الأطفال معلمات يضعن الأسس القوية لرجال الغد ونسائه، وقادة المستقبل وصنّاعه. في رياض الأطفال وما بعدها تشكل المعلمات أقوى السرايا والكتائب لحماية أغلى ما يملك الوطن ضد أعداء الوطن، أعداء سلاحهم تدمير عقول وأجسام الطلبة، معلمات الصفوف الأولى سيدات مخلصات يزرعن الأسس القوية لقيم سامية وعادات مفيدة تزيد بناء الوطن قوة ومنعة للحاضر والمستقبل. الوطن يحتاج إلى كل الأيدي المخلصة، أيدٍ قوية أقسمت أن تحمي تراب الوطن ومكتسباته، فأصبح حبه يجري في عروقها، وأيدٍ تبني ليعلو البناء ويعيش المواطن والمقيم في أمن ورخاء، وأيدٍ حانية نقية تهتم بأغلى ما يملك الوطن، حين تتضح الرؤية وتتضافر الجهود يتبوأ الوطن مكانه اللائق بين الأمم.
مبادرة جميلة من إدارة روضة الأطفال التي يدرس فيها حفيدي بدعوة الجد والجدة لزيارة الروضة والتحدث مع الأطفال مدة عشرين دقيقة عن الماضي. كان التحضير للقاء صعباً، ليس لأن موضوع اللقاء شائك، ولكن تكمن الصعوبة في بساطته، بحثت عما سأقوله لهؤلاء الصغار ولم أجد الموضوع المناسب الذي يفيدهم ويشدهم، والسبب أن أعمار من سألتقي بهم بين الأربع والخمس سنوات.
قبلت الدعوة لنبلها وأخذت معي ما أظن أنه يناسب إدراكهم المحدود، لكنه يثير فيهم الرغبة في المعرفة ويفتح حواراً بيني وبينهم، اقترحت علي زوجتي مروحة يدوية مصنوعة من خوص النخل لتحريك الهواء كما تعمل المراوح الكهربائية، وكانت النتيجة مرضية وتناولوها ولعبوا بها وشرحت لهم وظيفتها.
الأهم من ذلك هو الالتقاء بالمعلمات وإهدائهن نسخاً من كتابي، لهن ولمكتبة الروضة، وأهم من ذلك التحدث إليهن عن أهمية ما يقمن به من عمل يؤسس لمستقبل الوطن وقوته وأمنه، ذكرت لهن ما قيل عن أن روضة الأطفال تعادل في أهميتها كتيبة جنود تدافع عن الوطن، فهؤلاء الأطفال هم جنود الوطن وضباطه وأطباؤه ومهندسوه ورؤساء شركاته في المستقبل. لن أدخل في تفاصيل مناهج رياض الأطفال وأنشطتها، فغيري من المختصين أدرى بذلك، ولا حاجة لنا أن نعيد اكتشاف العجلة فالنماذج الناجحة موجودة على مستوى العالم، لكن أود التنبيه إلى نقاط مهمة، منها:
أولاً: من أهم أسباب تقدم الأوطان وازدهارها وجود مواطنين يؤمنون بأهمية الوطن، فيؤدون عملهم بكل أمانة واحتراف وتواضع، وهذا يتحقق بزرع القيم والعادات الجميلة في وقت مبكر من حياة الطفل، ووضع الأسس للتربية المتوازنة بتثقيف العقل وتهذيب النفس والخلق، والطفل يكتسب الكثير من القدرات والسلوك في سنيه الخمس الأولى، ففي هذه السنوات يحتاج الطفل إلى الكثير من الحوافز والمثيرات لنموه وتكوينه العاطفي والاجتماعي والفكري، فهو في مرحلة السؤال والاستفسار والاستطلاع والبحث، وهذا يتطلب وجود المعلمة المدركة لهذه القدرات وكيفية تنميتها، ووجود المبنى المناسب والألعاب الجماعية التي من خلالها يتم زرع روح التعاون والتسامح واكتشاف القدرات، وهذا هو دور وزارة التعليم في التأكد من الالتزام بالمعايير المطلوبة لنجاح المهمة.
ثانياً: تقاس قوة السلسلة بأضعف حلقاتها، ونجاح خطط الدولة في الرقي بمواطنيها يعتمد على النهوض بالفئات الأقل دخلاً وهم في العادة الأكثر أطفالاً، يجب أن يلتحق كل أطفالهم برياض الأطفال، وهذه مهمة أكثر من جهة إضافة إلى وزارة التعليم، فالضمان الاجتماعي هو الأقرب والأعرف بهذه الأسر، ويجب أن يكون ضمن برامجه دخول أطفال الأسر المسجلة لديه في رياض الأطفال المناسبة، كما أن للجمعيات الخيرية دور في ذلك، وهذا بحاجة إلى صرف الزكاة على تعليم أطفال الأسر المستحقة للزكاة لتعليم الأطفال في السنوات الأولى، ليحظى أطفال تلك الأسر بما يحظى به أطفال الأسر الغنية والمتوسطة الدخل، التعليم الذي يبنى على أسس قوية هو الضامن لإخراج الأسر من دائرة الفقر وإلحاقهم بالأسر ذات الدخل المتوسط.
ثالثاً: تواصل الأهل مع المدارس بكافة مراحلها من أهم أسباب نجاح المدارس في أداء مهمتها، ليس في الزيارات للمدارس فقط، ولكن في المساهمة في تكريم الطلبة بعد كل مرحلة، وتشجيع المعلمين والمعلمات ورفع روحهم المعنوية بإيضاح أهمية ما يقومون به من جهود رائعة ورسالة سامية. يجب أن تكون المدارس والجامعات مفتوحة على المجتمع، تؤثر فيه، وتستفيد من دعمه المادي والمعنوي، وتؤثر في ثقافة المجتمع إيجاباً لا أن تتأثر به سلباً.
http://www.alriyadh.com/1937166]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]