تقول القاعدة العلميّة: إن وراء كل سلوك ظاهر يوجد دافع أو أكثر يحفز الشخص ويستثيره ويوجهه إلى المدى الذي قد يصبح فيه هذا السلوك عقيدة وقناعة يدافع عنها صاحبها بكل وسيلة معقولة أو غير معقولة. ويبرز هذا غالبا في حالة الشخصيّة المتعصبة التي تحمل اتجاهات واستعدادات أكثر من غيرها للميل نحو التطرف (العنيف) ما يجعلها أكثر من غيرها قبولا للأفكار والأفعال المتشدّدة والتفسيرات المبرّرة لها سواء كان مصدرها نصوصا دينيّة أو رموزا فكريّة تساعدها على تبرير أفكارها وأفعالها.
وبشكل عام ليس صعبا تمييز شخصيّة المتعصب إذ غالبا ما تظهر عليها ثلاث سمات واضحة هي: التسلطيّة Authoritarianism، والجمود والقطعيّة Dogmatism، والثالثة التصلب Intolerance to ambiguity. وبما أن الآراء هي أكبر كاشف للاتجاهات وهي بمثابة الإنذار المبكر عما تخبئه الشخصيّة، بعبارة أخرى يكشف بروز الآراء المتشددة وصراحة تبني الفرد وترويجه لها لها عن نمط من الاتجاهات قد يقود صاحبه إلى سلوك العنف خاصة في مرحلة الشباب وحين تكتسب بعض الآراء التي يؤمن بها صفة المقدس حيث يظن ممارسها وحاميها أنها من بنية "العقيدة" التي يؤمن بها.
ويكفي الشاب (مثلا) للوصول إلى هذه الدرجة وجود تحفيز قوي (رمز فكري، قناة تلفزيونيّة، منصات محترفة) ليستجيب ويندفع بضغط المؤثرات السياسيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة وغيرها للقيام بأي عمل وفقا القاعدة التي تقول: العقائد تقود السلوك Beliefs drive behaviors. ولعل هذا يفسر كيف تأتي بعض المواقف الانفعاليّة للشباب متأثرة بالحوادث السياسيّة التي عملت كمحفز قوي نشّط الاتجاه المتطرف ومن ثم السلوك العدواني مؤيدا بالتفسير المغلوط للنصوص الدينيّة.
وكما يقول الباحثون: إن العقل المتطرف - مركب معقد من مؤثرات نفسيّة وعقائديّة غير متجانسة - حيث تتجه شخصيّة المتعصب بشكل عام إلى الحذر المعرفي، خشية نقض ما لديه حيث لا يستطيع دائما تفعيل المعالجة المنطقيّة. وهذه الصفة عادة ما تقترن بسمات الشخصيّة الاندفاعيّة التي تسعى إلى الحصول على تجارب محفوفة بالمخاطر والتلذذ بإحداث الدوي، ويستوي هذا التطرف عند كل من يسيطر عليه الميل الأعمى إلى جهة أو طرف أو جماعة أو مذهب أو فكر سياسي أو طائفة.
ولعل هذا ما يفسّر النتيجة التي توصّل إليها الدكتور ليور زميغرود كبير الباحثين في قسم علم النفس بجامعة كامبريدج، الذي خلُص في دراسة مع فريقه إلى أن الأشخاص ذوي المواقف المتطرفة يميلون إلى التفكير السطحي في نظرتهم للعالم وفق منظور الأبيض والأسود، ويتجنبون خوض التفكير العميق الذي يتطلب خطوات عقليّة معقدة.
قال ومضى:
لا تكسر الأقلام فقد تعود الأميّة..




http://www.alriyadh.com/1945176]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]