سبق لي أن كتبت في إحدى مقالاتي، إن المملكة مقبلة على سنوات سمان مليئة بالخير والبركة، بعد سبعة أعوام عجاف مرت بها، ابتداء من ديسمبر عام 2014، عندما بدأت أسعار النفط في الانخفاض. فهذه السنوات العجاف، قد خلقت المقدمات لما نراه الآن. فأولاً، تم إنشاء أوبك +، بعد ما يقرب من عام ونصف على الأزمة. وهذا ليس فقط كيان مؤسساتي، وإنما إطار لتحالف استراتيجي تنسق من خلاله الدول المنتجة للنفط مواقفها، وعلى رأسهم المملكة، من أجل استقرار أسواق النفط العالمية.
وإذا استثنينا فترة الجائحة التي بدأت عام 2020، وما صاحبها من تقييدات على الحركة ودوران عجلة الاقتصاد العالمي، فإن الاتفاق ضمن أوبك +، قد أثبت فعاليته، ولعب دوراً كبيراً في استقرار أسواق الطاقة، والمحافظة على سعر عادل للنفط، ينصف طرفي المعادلة: المنتجين والمستهلكين للطاقة.
وقد جنت المملكة من توجهاتها المدروسة عوائد كثيرة. فأولاً تعزز موقعها، كبلد يمكن الاعتماد عليه من أجل استقرار أمن الطاقة في العالم. الأمر الآخر، أدى التوازن بين أسعار النفط المباع ومعدلات التضخم العالمية، إلى حصول المملكة على عوائد مجزية. ولذلك، يتوقع أن تتعدى مداخيل النفط هذا العام 2022، الأرقام التي توقعتها الميزانية، والمقدرة بـ1045 مليار ريال. وهذا بالتأكيد، سوف يؤدي إلى نمو الفائض المالي واحتياطات المملكة النقدية.
وهذه المعطيات، قد وجدت لنفسها انعكاسا في تقرير صندوق النقد الدولي، الذي أشار فيه إلى اقتراب اقتصادنا، من تحقيق رقم تاريخي لم يشهده من قبل، حيث من المتوقع أن يصل حجم الناتج المحلي الإجمالي للمملكة، ولأول مرة في تاريخه، إلى تريليون دولار خلال هذا العام 2022. وهذا ليس مصادفة، فنمو العائدات النفطية قد ساهمت في ارتفاع الإنفاق الحكومي على التنمية وإعادة هيكلة الاقتصاد، الأمر الذي أدى إلى تحقيق الناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الثاني من هذا العام معدل نمو وصل إلى 11.8 %، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي 2021. وهذا المعدل يتخطى متوسط معدلات النمو التي سوف يحققها الاقتصاد العالمي بكثير، والتي من المتوقع أن لا تتعدى 3.2 %.
وسوف يمهد ذلك كله الطريق أمام اقتصادنا، خلال الفترة القادمة، لتحقيق مزيد من الإنجازات التي لم نشهدها من قبل، الأمر الذي سوف يساهم في تطور وازدهار بلدنا وتمكينه من تحقيق رؤية 2030 دونما ضغوطات على الطلب الكلي. فارتفاع العائدات النفطية، ستنعكس بدورها على التوظيف والسياسية المالية بشكل إيجابي. وهذا من شأنه أن يقلص البطالة والضرائب ويساهم في نمو العوائد التي تحصل عليها العائلات السعودية والمقيمون في المملكة.




http://www.alriyadh.com/1965125]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]