تُبنى المجتمعات البشرية على مجموعة من القيم التي يتشاركها أعضاء المجتمع فيما بينهم وتكون بمثابة الرابطة الاجتماعية بينهم والتي تجعل تفاعلهم البشري مع بعضهم البعض مفهوماً فيما بينهم، ومقبولاً اجتماعيا، ويحرص أعضاء هذا المجتمع على التصرف وفق هذه القيم وعلى تربية أبنائهم طبقاً لها، ويقابل هذه القيم التي قد تكون خاصة بكل مجتمع بشري حسب تكوينه وتطوره التاريخي "قيم" عالمية مشتركة تشترك فيها جميع المجتمعات البشرية، بحيث تخلق هذه القيم البشرية المشتركة نطاقاً من التفاهم والتفاعل الإيجابي بين البشر بغض النظر عن خلفياته الاجتماعية أو السياسية أو الدينية... إلخ.
قبل ثورة وسائل التواصل الاجتماعي، كانت القيم تتسم غالباً بالثبات بنسبة كبيرة ولا تواجه القيم التحديات الكبيرة، كما أن المؤسسات التربوية المختلفة بدءاً من مؤسسة الأسرة مروراً ببقية المؤسسات كانت تعمل على تعزيز هذه القيم المجتمعية، ولكن الوضع اليوم اختلف تماماً حيث قدمت وسائل التواصل الاجتماعي منظومتها المختلفة من "القيم" والتي قد لا تختلف فقط مع "القيم" السائدة في المجتمعات، بل وقد تتناقض معها، يغلب على بعض قيم وسائل التواصل الاجتماعي عدم الثبات، وعدم وجود المرجعية الدينية أو الاجتماعية، وكذلك تعدد مصادرها، وهذا الذي يجعل التعامل معها والتوعية بخصوصها أمرا، على درجة كبيرة من الأهمية، بحيث تبقى التربية عبر المؤسسات التربوية هي الحل الأفضل للتقليل من آثار هذه "القيم".
ومن الأهمية مراعاة نقطة أخرى تتعلق بتعاقب الأجيال وما قد يترتب على ذلك من تطور في منظومة القيم تبعا لتطور الحياة ومستجداتها، وهذا يعني أن بعض القيم الوافدة مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي يمكن استيعابها في منظومة القيم المجتمعية لقيمتها الإيجابية، كما يمكن الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي نفسها في تعزيز القيم الأساسية التي يحتاجها المجتمع.




http://www.alriyadh.com/1971289]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]