مؤلف مخرج مسرحي قال: كان لنا جار يسكن خلف الدار كنيته أبو جسار، يملك ويدير مبنى مكتوب على بابه (مسرح ابو جسار) حيث ينتج مسرحيات يشاهدها الناس، ليس بجشِع أو طماع ولكن عيبه يؤخر ويقلل اجور من يعمل معه، خرج ذات يوم على مهل فقابلته وبادرت قائلاً: مرحبا أبا جسار عفا الله عنك أين الناس يا صاحب الوجه السار ؟! أهكذا يكون تعاملنا بالهجران ونحن زملاء مهنة وجيران ؟! فقال أبو جسار: اعذرني يا أخي ولا تلمني فقد كبرت وأصبح النسيان فيّ عيبا منذ أن اشتعل الرأس شيبا فأي الجيران أنت و بأي دار سكنت ؟ قلت: مالك يا أبا جسار أتنسى حق الزمالة والجوار ؟! أنسيت أنني المؤلف والمخرج للمسرح الذي تديره وتملكه انت ! أين واجب الزمالة من العون والبشاشة والطلاقة ؟ لقد أتيتك في حاجة ليست بشأن اجري مقابل تأليفي وإخراجي لمسرحية (شهامة وندامة) التي نالت رضى الجمهور، فضرب أبو جسار على صدره وما علم أنه قد وقع بالفخ، وقال: أنا لها بين كل الناس أفديك، ألست لي الجار والزميل والصديق أيضاً، وقد قيل الصديق وقت الضيق ؟ قلت: ذهبت للبنك في سلفة، فاشترطوا علي الكفالة وقالوا: لابد أن يكون الكافل من أهل الفضل والنبالة، ولم أجد بين الناس أنبل منك يا أبا جسار و دَينهم في رقبتي أمانة، وأنا كما تعرفني لست من أهل المماطلة والخيانة أسدد لهم كل شهر قسط، والأمر يحتاج كفالة وهي مجرد توقيع على القرطاس ولم أجد أفضل منك يا أبا جسار، فقال: أليس الراتب اليوم هو الكفيل ؟ قلت: الراتب الشهري يا ابا جسار ما أن يأتيني في يومه بحفظ الله ورعایته يكون في استقباله وفد رفيع المستوى، يتقدمهم قرض البنك وفاتورة الكهرباء والماء و الإنترنت وراتب السواق والخدامة وقسط السيارة والإيجار، ويغادر في نفس اليوم بكل حفاوة وتقدير متمنين لنا دوام الصحة و العافية، بعدها انطلقنا إلى البنك وليس لدى أبا جسار شك بأنه الوفي الأمين، دخلنا على المدير فقابلنا بالبشاشة والتقدير مقابلة الظمآن للماء النمير، وسأل أبا جسار: أتعرف مقدار الدين الذي طلبه صاحبك ؟ فقال: لا يهم فصاحبي وفيٌ أمين، فقال المدير: إنه يطلب مليون، فقال ابو جسار: لا يهم فليس صاحبي من أهل المماطلة والتأخير وهو في الوفاء منقطع النظير، فقال المدير: اتعرف معنى كفالة الدين قبل أن تعضّ أصابع اليدين والقدمين، فقال أبو جسار: هذا زميلي مؤلف ومخرج مسرحي، وأيضاً جاري داره بجوار داري وإن كنت لا أدري بالتحديد أقريب هو أم بعيد، فهات لنوقــّع على المليون فلا يقوم بالكفالة إلا أهل الفضل والنبالة.
تدوينة: بعد سنة جاء شرطي لأبي جسار قائلاً له: يا أبا جسار صاحبك المؤلف المخرج لم يسدد فعليك بالتسديد، فقال: لقد قال لي إنما الكفالة مجرد توقيع، فقال الشرطي: هيهات هيهات لا ينفع الترقيع إما تسديد الدين أو الكلبشة باليدين والمبلغ فيما أظن مليون وليس كما تقول: هوّنها يا صاحبي وتهون بل الأمر كما قيل: الكفالة أولها شهامة وآخرها ندامة !!
http://www.alriyadh.com/1984713]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]