لقد مررنا جميعًا بأوقات صعبة عندما كنا أطفالًا، وعانى الكثير منا من الصدمات لحماية أنفسنا والدفاع عنها ضد المعاناة المستقبلية، ففي كل واحد منا طفل صغير يعاني، ومع أننا نحاول مع الوقت نسيان تلك الأوقات المؤلمة إلا أننا مع تجارب الحياة نعود ونتذكر تلك المعاناة ونعتقد أننا لا نستطيع تحملها، ونحشو مشاعرنا وذكرياتنا بعمق في أذهاننا اللاواعية.. ربما لأننا لم نجرؤ على مواجهة هذا الطفل لعدة عقود.. لكن لمجرد أننا قد تجاهلنا الطفل لا يعني أنه ليس هناك.. فالطفل الجريح موجود دائمًا داخلنا، فهو يجذب انتباهنا في أغلب تصرفاتنا ليقول الطفل: "أنا هنا، لا يمكنك الهروب مني". وقد نريد إنهاء معاناتنا بإرسال الطفل إلى مكان عميق بالداخل وإبقائه بعيدًا قدر الإمكان كنوع من الهروب اللاواعي.. لكن الهروب لا ينهي معاناتنا بل يطيلها فقط.
اليوم الطفل الجريح يطلب الرعاية والحب، ولكننا نفعل العكس نهرب لأننا نخاف من المعاناة فتصبح كتلة الألم والحزن فينا كبيرة وتنمو ككرة الثلج المتدحرجة، وحتى لو كان لدينا الوقت فإننا لا نعود إلى أنفسنا بل نحاول أن نبقى مستمتعين باستمرار -مشاهدة التلفزيون أو الأفلام، أو التواصل الاجتماعي، أو مستخدمين للكحول أو المخدرات- لأننا لا نريد تجربة هذه المعاناة مرة أخرى.
اليوم سيبقى الطفل الجريح هناك ولا نعرف حتى أنه هناك، فالطفل الجريح فينا حقيقة ولكن لا يمكننا رؤيتها، إن عدم القدرة على الرؤية هو نوع من الجهل، والجهل موجود في كل خلية من خلايا جسدنا ووعينا، إنها مثل قطرة من الحبر منتشرة في كوب من الماء، هذا الجهل يمنعنا من رؤية الواقع ويدفعنا إلى القيام بأشياء حمقاء تجعلنا نعاني أكثر ونجرح مرة أخرى الطفل المصاب بالفعل فينا.
اليوم مثلما توجد المعاناة في كل خلية من خلايا أجسامنا، كذلك توجد بذور الفهم والسعادة.. علينا فقط أن نستخدمها، فلدينا مصباح بداخلنا هو مصباح اليقظة، حيث يمكننا أن نضيئه في أي وقت، زيت هذا المصباح هو تنفسنا وخطواتنا وابتسامتنا الهادئة، علينا أن نضيء مصباح اليقظة هذا حتى يضيء النور ويتبدد الظلام ويتوقف.. وعندما ندرك أننا نسينا الطفل الجريح في أنفسنا، نشعر بتعاطف كبير مع هذا الطفل ونبدأ في توليد طاقة اليقظة، فممارسات المشي واليقظة والجلوس والتنفس تعزز اليقظة في أنفسنا، ومن خلال أنفاسنا اليقظة وخطواتنا الواعية يمكننا إنتاج طاقة اليقظة والعودة إلى الحكمة المستيقظة الموجودة في كل خلية من خلايا الجسم، سوف تعانقنا هذه الطاقة وتشفينا، وسوف تشفي الطفل الجريح فينا.
اليوم عادة ما نفكر في الاستماع إلى شخص آخر، لكن يجب أن نستمع أيضًا إلى الطفل الجريح الموجود بداخلنا، فأحيانًا يحتاج الطفل الجريح فينا إلى كل انتباهنا، قد يخرج هذا الطفل الصغير من أعماق وعينا ويطلب انتباهنا، إذا كنت متيقظًا، فسوف تسمع صوته يطلب المساعدة، وفي تلك اللحظة بدلًا من الالتفات إلى ما هو أمامك، ارجع واحتضن الطفل الجريح بحنان، يمكنك التحدث مباشرة إلى الطفل بلغة الحب، قائلاً: "في الماضي، تركتك بمفردك، ذهبت بعيدا عنك. الآن، أنا آسف جداً، سوف أعانقك".




http://www.alriyadh.com/1988961]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]