ليس من مصلحة الجهة الحكومية أو المؤسسة الخاصة تدني مستوى العلاقة بين الموظفين أو تعرضها للجمود أو الرسمية، ناهيك عن أن تنشأ بين الموظفين عداوة.
باختصار فإن سياسة فرق تسد إذا طبقها المدير فإن مصير المؤسسة الفشل الذريع، وإذا كان المدير لا يخشى فشل المؤسسة ويهمه بقاؤه فقط فهذه مصيبة كبرى على المؤسسة وعليه شخصيا، لأننا في عصر بات فيه البقاء مرهونا بنجاح الجهة في تحقيق أهدافها وليس مرهونا ببقاء المدير على قيد الحياة وإن فشلت المؤسسة.
يستطيع المتابع دون حاجة لعناء أو تركيز شديد أن يلحظ تدنيا شديدا في علاقات الموظفين ببعضهم البعض، وليس بالضرورة أن يكون عداء أو غيرة وحسدا، بل على أقل تقدير خمول في العلاقات وعدم معرفة بعضهم ببعض وعدم اهتمام بعضهم بالعلاقة مع الآخر، وقد تصل للعداوة أو الغيرة والحسد وهذا خطير جدا وسببه في ظني عدم قدرة المدير على خلق جو اجتماعي حميم في المؤسسة التي يديرها، وهذا مرده إلى أن المدير نفسه لم يكن مؤهلا للإدارة ولم يدرس مقررا واحدا عنها.
من المهم جدا أن تكون الوزارة أو الشركة أو المؤسسة هي الأسرة الثانية للفرد (الموظف) يأوي إليها وهو فرح شغوف بلقاء أحبة لا يقلون حبا وحميمية عن أفراد أسرته في المنزل، فيذهب لعمله وهو سعيد فرح مستبشر برؤية وجوه مشرقة مستبشرة تحبه ويحبهم ويثق بهم ويثقون به ويصدقهم القول ويصدقونه ويقف معهم ويقفون معه ولا يخشى منهم كيدا ولا مكيدة ولا يخشون منه.
لا أقول إن بعض المؤسسات تعاني بالضرورة من عداء وتناحر، ولكن أقول إن المتابع لا يصعب عليه ملاحظة أن العلاقات الاجتماعية في كثير من المجتمعات الوظيفية تعاني جمودا واضحا لعدم اهتمام المدير بخلق علاقة شبه أسرية بين الموظفين، ويكون ذلك بتكثيف اللقاءات خارج العمل (رحلات برية، حفلات تكريم وترقيات، معايدات لا تمييز فيها بين موظف كبير وصغير، دعوات لمناسبات اجتماعية أيضا لا تفرقة فيها بين صغير وكبير، زيارة من مرض، وتعزية من فقد،...الخ).
كنا نخرج معا لرحلات بر واستراحات وحفلات افتتاح داخل وخارج الرياض ونجتمع شهريا خارج حدود العمل نضحك كثيرا ونمرح كثيرا ونشارك بعضنا الفرح بزواج أو مولود ونساند بعضنا في المواقف العصيبة، نزوره إذا مرض ونعزيه إذا فقد ثم لاحظت في أحد مواقع العمل التي مررت بها (وهي كثيرة) جمودا في العلاقات، فقلت للمدير ما بالكم لا تخبروننا بمن مرض أو أصيب فنزوره ولا من فقد فنعزيه؟! فرد قائلا (تريدنا أن نترك عملنا ونتفرغ لمن مرض أو فقد؟!) قلت (هو عمل إدارة العلاقات العامة وهو مهم جدا لاستمرار أجواء عمل صحي منتج) قال (الإنتاج يكون في المكاتب وليس في العزاء أو زيارة المريض!) ضحكت وقلت (صح عليك!!).




http://www.alriyadh.com/1993094]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]