في عام 2018 ومن خلال مقال لي بعنوان "لن نحتاج مذيعة جميلة في المستقبل" تعليقا على اول مقدم لنشرات الأخبار ينتمي لعائلة او ثورة الذكاء الاصطناعي قدمته وكالة الانباء الصينية بالتعاون مع شكة سوجو الصينية التكنولوجية العملاقة، كنت أتوقع ان الثورة التقنية ستكون سريعة ولن ننتظر حتى الآن بمرور تقريبا خمس سنوات دون نتائج ملموسة، خصوصا ونحن نتابع يوميا مذيعات النشرات الإخبارية والاقتصادية في قنواتنا العربية وآثار تقدم العمر عليهن رغم عمليات التجميل وانو البوتكس والفلر التي لن تغير كثيراً.!
والآن ونحن نعيش تجربة الذكاء الاصطناعي في الصحافة والذي تم تطبيق بعض تجاربه الفعلية في عدد من الوكالات العالمية خصوصا وكالتي رويترز ووأسوشيتد برس والصحف العريقة نيويورك تايمز والواشنطن بوست والفاينانشال تايمز، وان كانت التجربة الأشهر تتمثل في تجربة نيويورك تايمز باستعانتها عام 2016 بروبوت آلي شارك في تغطية دورة الألعاب الأولمبية في ريو دي جانيرو بمساعدة الصحفيين على تغطية النتائج وحصر الميداليات، وتم تطويره لينتج أكثر من 500 مقال!! ولكن امام هذه الثورة الكبرى هل بالفعل ستنتهي مهنة الصحافة، البعض يجهل اسرار هذه المهنة، بالإمكان ان يلغي الذكاء الاصطناعي أدوار البشر بمجالات كبيرة الا بالمجال الإبداعي والصحافة أولها.
ال 500 مقال الذي انتجه ولا نقول كتبه الربورت الآلي بطبيعة الحال لو دققنا في محتويات هذه المقالات سنجد أنها ستكون في أغلبها جمل أو فقرات أو مواضيع مسروقة، لأن البيانات التي يستخدمها الذكاء هي موجودة وليست أفكار يبدعها، ونسمع بين فترة وأخرى سرقات أدبية شهيرة بهذا المجال، فالعنصر البشري هنا هام، كما أن لغة الخوارزميات التي تعتمد عليها آلية الذكاء الاصطناعي في الكتابة والبحث قد يتم توجيهها بصورة آلية لتكون (منحازة) لموضوع معين، فلا تتقبل أي مواضيع أخرى وتطمس بذلك حرية الرأي، وتجربتنا كسعوديين مع وسائل التواصل الاجتماعي وبعض الحسابات الشهيرة مثال واضح لدور (التحيز للرأي) وخطورة صحافة الذكاء الاصطناعي.
مهما تطور الذكاء الاصطناعي إلا أن هناك اخلاقيات لابد من الانتباه لها ومواجهة خطورة طمسها، وخصوصا بمهنة الصحافة، فلا أن نعيد المعايير أمام خطر استغلال التقنيات في تفشي السرقات الأدبية وحجب الآراء وقتل الإبداع واللعب بالمحتوى، وجعل العمل الصحفي دون هوية محددة، لذلك مع تطور أساليب الذكاء الاصطناعي لابد أن نطور انظمتنا وتشريعاتنا وهذا دور مهم لهيئة الحماية الفكرية ووزارة الإعلام، فالعالم يتغير حولنا والصحفيين الآليين يهددون عالمنا وبمستقبل غامض لا يتوقف في مجال الإعلام الذي يشهد المخاطر حوله من ناحية التقنية ومن ناحية البشر الذين اصبح كل واحد منهم يحمل لقب "إعلامي" بمساعدة جهاز جواله وأضر بعضهم هذه المهنة الهامة.
http://www.alriyadh.com/2049316]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]