هؤلاء الثلاثة جمعتهم النزهة، والمصيبة، وأسباب النجاة منها، ففرج الله عنهم حين اجتمعت فيهم خصلة مهمة هي الإخلاص لله، وتقواه، والسعي لنيل مرضاته. ولا أشك أن للرفقة أثرها في توجه الشباب إما همة ونشاطا ونجاحا ونفعا وبرا، وإما إلى ما لا تحمد عقباه من المخدرات والمسكرات والفساد..
في السنة النبوية دروس من قصص الأولين، أخبرنا بها، وحدثنا عنها الصادق المصدوق، الذي لا ينطق عن الهوى، «إن هو إلا وحي يوحى»، صلى الله عليه وآله وسلم.
ولا ريب أن المراد من هذه القصص، ليس مجرد التسلية، وإنما أخذ العبرة، واقتناص الفائدة، والتأسي بسير الصالحين، والحذر من مغبة عاقبة المفسدين. قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وآله «فاقصص القصص لعلهم يتفكرون».
ومن تلك القصص المليئة بالفوائد، قصة رواها الشيخان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: خرج ثلاثةٌ يمشون فأصابهم المطرُ ، فدخلوا في غارٍ في جبلٍ ، فانحطت عليهم صخرةٌ ، قال : فقال بعضهم لبعضٍ : ادعوا اللهَ بأفضلِ عملٍ عملتموهُ . فقال أحدهم : اللهم إني كان لي أبوانِ شيخانِ كبيرانِ ، فكنتُ أخرجُ فأرعى ، ثم أجيءُ فأحلبُ فأجيءُ بالحلابِ ، فآتي أبوايَ فيشربانِ ، ثم أسقي الصبيةَ وأهلي وامرأتي ، فاحتُبِستُ ليلةً ، فجئتُ فإذا هما نائمانِ ، قال : فكرهتُ أن أوقظهما ، والصبيةُ يتضاغوْنَ عند رجلي ، فلم يزل ذلك دأبي ودأبهما ، حتى طلع الفجرُ ، اللهم إن كنتَ تعلمُ أني فعلتُ ذلك ابتغاءَ وجهك ، فافرُجْ عنا فرجةً نرى منها السماءَ ، قال : ففَرَّجَ عنهم . وقال الآخرُ : اللهم إن كنتَ تعلمُ أني أحبُّ امرأةً من بناتِ عمي كأشدِّ ما يحب الرجلُ النساءَ ، فقالت : لا تنالُ ذلك منها حتى تُعطيها مائةَ دينارٍ ، فسعيتُ حتى جمعتها ، فلما قعدتُ بين رجليها قالت : اتقِ اللهَ ولا تَفُضَّ الخاتمَ إلا بحقِّهِ ، فقمتُ وتركتها ، فإن كنتَ تعلمُ أني فعلتُ ذلك ابتغاءَ وجهك ، فافرج عنا فرجةً ، قال : ففرَّجَ عنهم الثلثينِ . وقال الآخرُ : اللهم إن كنتَ تعلمُ أني استأجرتُ أجيرًا بفَرَقٍ من ذرةٍ فأعطيتُه ، وأبى ذلك أن يأخذَ ، فعمدتُ إلى ذلك الفَرَقِ فزرعتُه ، حتى اشتريتُ منهُ بقرًا وراعيها ، ثم جاء فقال : يا عبدَاللهِ أعطيني حقي ، فقلتُ: انطلق إلى تلك البقرِ وراعيها فإنها لك ، فقال : أتستهزئُ بي ؟ قال: فقلتُ : ما أستهزئُ بك ولكنها لك ، اللهم إن كنتَ تعلمُ أني فعلتُ ذلك ابتغاءَ وجهكَ فافرُجْ عنا ، فكُشِفَ عنهم.
في الحديث فوائد جمة، لكني أقتنص منها أن للرفقة أثرها البالغ في توجه المرء، واستقامته أو جنوحه إلى الشر والتهلكة.
فهؤلاء الثلاثة جمعتهم النزهة، والمصيبة، وأسباب النجاة منها، ففرج الله عنهم حين اجتمعت فيهم خصلة مهمة هي الإخلاص لله، وتقواه، والسعي لنيل مرضاته.
ولا أشك أن للرفقة أثرها في توجه الشباب إما همة ونشاطا ونجاحا ونفعا وبرا، وإما إلى ما لا تحمد عقباه من المخدرات والمسكرات والفساد، وكم أفسدت الرفقة من شباب الأمة الذين ألقتهم رفقة السوء المتزينة بالتقوى والصلاح إلى مستنقع الغلو والتكفير والتفجير والخروج على الولاة، فضل سعيهم في الحياة الدنيا،«وهم يحسبون أنهم يحسنون صنع». فالرفقة الخبيثة هي التي زينت لهؤلاء الشبيبة ما يصنعون، ووعدتهم بجنات وعيون، وحور عين، ليطعنوا المسلمين الآمنين من وراء ظهورهم، بحجج واهيات، وتعليلات لا ترقى إلى شناعة ما يفعلون لو صدقت، وصحت، كيف وهي في واقعها أوهن من بيت العنكبوت، لو كانوا يعلمون. هذا، والله من وراء القصد.
http://www.alriyadh.com/2056243]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]