لم يعد جديداً أو غريباً أن تتلقى المملكة الإشادات العالمية، أثناء الاستعدادات لموسم الحج كل سنة، أو بعد انتهائه، وكأن الأمر أصبح واقعاً، ولمَ لا؟ والمنظومة تعمل كتروس الساعة بكفاءة ودقة متناهيتين، هذا التناغم بين جميع الأجهزة يظل مصدر إعجاب ودهشة العالم، فإدارة الحشود في أمكنة محددة، وبيئة جغرافية محدودة، وفي أوقات وأزمان حددها رب السماء، تلك المعطيات - يراها العالم - من الأمور الصعبة أو المستحيلة لنجاح منظومة إدارة الحشود لقرابة مليوني إنسان، منذ إصدار تأشيرات الحج، وتذاكر الطائرات، ومنظومة الطيران، وإنهاء إجراءات الدخول في المطارات، وتسهيلات نقل الحقائب، ثم الانتقال، إلى أماكن الإعاشة، قبل الذهاب إلى منى وخيامها التي أعدت وفقاً لمعايير سعودية خالصة متفردة، لعدم وجودها في أي من أماكن وبلدان العالم.. وتلك الأمور التي تُدهش الأمم المتحدة بمنظماتها ووسائل إعلامها، التي لم تغب لحظة عن بث الواقع على أرض المملكة لحظة بلحظة، فكل دول العالم - بلا استثناء - لم تعد تراهن على نجاح المملكة، بل تراهن على: ماذا ستقدم دولة "الحرمين الشريفين" هذا العام من جديد؟ فلقد اعتاد العالم على نجاح المملكة، وقد لا يكون غريباً، أن تقرأ وتسمع ما يقولونه: "لقد فرضت المملكة العربية السعودية على نفسها النجاح، ولا شيء غيره، فالنجاح مكتوب ومفروض عليها، كما فرضته هي على نفسها، من واقع خبرتها في إدارة الحشود منذ فجر التاريخ، وتطويعها لتقنيات العصر لتقديم منظومة من التسهيلات التي لم تكن موجودة من ذي قبل، فالتطوير والتحديث في هذا البلد كل يوم".
كيف لدولة أن تصبح منظومتها الطبية والصحية مسخرة بتلك الإمكانات في وقت وجيز لتحمل مسؤولية الأمان الصحي لقرابة مليوني حاج؟ كيف لها أن تجري أدق العمليات الجراحية، ولا تغفل عن دورها في نقل المنومين إلى مشعر عرفات، والحفاظ على صحة المرضى، منذ فجر اليوم إلى نهايته، واختيار الأمكنة المناسبة لمستشفياتها الميدانية، وفي نفس الوقت تقديم الخدمات الطبية للجميع؟
كانت جهود وزارة الصحة كلمة السر عدم تسجيل أي أمراض معدية بين الحجاج في موسم حج هذا العام، من واقع جهودها لتقديم الرعاية المتكاملة لضيوف الرحمن في موسم الحج، وفي الوقت ذاته، قدمت المديرة الإقليمية لـ"منظمة الصحة العالمية في الشرق الأوسط"، حنان بلخي شكرها وتقديرها للمملكة على المجهود الرائع - حسب وصفها - في تنظيم الحج والتنسيق مع الدول لاستقبال واستضافة الحجيج، وتوفير الرعاية الكافية لأداء مناسك الحج بيسر وسهولة، مع التزام المنظومة الصحية السعودية بتوفير أعلى مستويات الرعاية الصحية لضيوف الرحمن عبر كوادرها الطبية والإدارية والمنشآت والمراكز الصحية الموزعة في مكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة، لضمان سلامتهم وراحتهم في موسم الحج.
هل تأمين تلك الحشود كان مقرراً في كتب الأمن العالمية بمثل الطريقة التي تعاملت بها المملكة، وقدمتها للعالم بتلك الكفاءة والسرعة، وتهيئة الشوارع ومنظومة الخدمات، من إعاشة وطعام وأمن وصحة ونقل؟
وكما قال مدير الأمن العام، رئيس اللجنة الأمنية في الحج، الفريق محمد البسامي: "إن دقة تنفيذ الخطط الأمنية التي بنيت وفقاً لمعايير وأُسس الجـودة في التخطيط والتنظيم كان لها أثرها في نجاح حج هذا العام حتى هذه اللحظة، مدركين توجيهات القيادة وحرصها على تقديم أرقى الخدمات لضيوف الرحمن"، من خلال ما وفرته الدولة من مقومات النجاح عبر تسخير جميع الطاقات البشرية والآلية وما توصلت إليه التقنية الحديثة من برامج الذكاء الاصطناعي، مما أسهم في تيسير أعمال الحج وتقديم أفضل الخدمات لحجاج بيت الله الحرام، واختصار الكثير من الجهد والوقت وساعد في جودة الخدمات.
لم يكن غريباً أن يُستخدم الذكاء الاصطناعي في إدارة الحشود، بتطوير جديد، غير الذي تم استخدامه في الموسم الماضي؛ ليحقق إنجازاً عالمياً أذهل العالم، فكانت تلك التقنية قادرة على كشف وتوقع أماكن الازدحام، والتوجيه بحل تلك المشكلة من جميع الأجهزة في وقت يسير.
إن من حق المملكة أن تفخر بقياداتها الرشيدة، ومسؤوليها، وأبطالها، لما تم تقديمه لضيوف الرحمن من خدمات يستحقونها..
http://www.alriyadh.com/2080954]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]