أناشد المسؤولين بإعادة النظر في التأشيرات وأنواعها ومواعيدها وضوابطها وفقاً للضوابط السعودية؛ حتى نضمن النجاح لمنظومة الحج في الموسم والمواسم القادمة، فالنجاح أصبح قدراً ومنهج حياة في المملكة وبقيادة رشيدة قادرة على صناعة ما هو أعلى من النجاح أو الإنجاز..
كان لافتاً إعلان المملكة استعدادها –فور إعلان نجاح موسم الحج 1445هـ- لموسم الحج القادم –بإذن الله– 1446هـ، ولن يكون مستغرباً أن تعلن المملكة عن خطوات جديدة وإجراءات مبتكرة تضمن النجاح، وتؤكد على فلسفة "لا رفاهية للخطأ"، ولن يُسمح به من أي طرف من الأطراف، وتلك مقومات النجاح التي اعتادت عليها بلادنا منذ فجر التاريخ، وتستمر المسيرة برؤية قيادة حكيمة تحملت تبعات الأمانة الغالية، ولا تكتفي بما تحقق من نجاحات، لأن الطموحات لا حد لها ولا سقف يحدها، والدليل الاستعداد المبكر للموسم القادم والبناء على ما تحقق، والعمل على تحقيق ما تستحقه المملكة وضيوف الرحمن بمختلف بلدانهم وثقافاتهم؛ لذا بدأ الترتيب وتخطيط العمل لموسم حج العام المقبل.
وقبل الخوض في النقطة الأكثر أهمية أذكر جزءاً من بيانات أوردتها الهيئة العامة للإحصاء، بأن نسبة الحجاج القادمين من الدول العربية بلغت (22.3 %)، أما حجاج الدول الآسيوية -عدا الدول العربية- بلغت (63.3 %)، بينما بلغت نسبة حُجاج الدول الأفريقية -عدا الدول العربية أيضاً- (11.3 %)، في حين بلغت نسبة حجاج دول أوروبا والولايات المتحدة الأميركية وأستراليا والدول الأخرى غير المصنفة (3.2 %)، بالتالي بلغ عدد الحجاج الإجمالي لموسم حج 1445هـ مليوناً و833 ألفاً و164 حاجاً قدموا من أكثر من 200 دولة، فيما بلغ عدد الحجاج من داخل المملكة 221 ألفاً و854 حاجاً.
كانت تلك لغة الأرقام التي لا تكذب وتؤكد أن ما قامت به المملكة من جهود في إدارة تلك الحشود يفوق الإعجاز، وتلك حقائق لا ينكرها منصف، ولكنني هنا أدق ناقوس الخطر، فما حدث في موسم الحج -الناجح بكل المقاييس– من وجود هذا العدد الضخم من المخالفين في المواسم المقبلة، ولا يجب أن نعفي أنفسنا من تحمل المسؤولية، فنحن جزء أصيل منها، والسؤال، من أين أتى هؤلاء المخالفون؟
الإجابة ببساطة، جاؤوا بتأشيرات زيارة أو عمرة. والسؤال التالي، من سمح لهم بدخول مكة المكرمة والمدينة المنورة في موسم الحج، وفي الأساس والأصل غير مسموح إلا لحاملي تصاريح الحج بالدخول؟ لن نجلد الذات أكثر من ذلك، ولكن ما يعلمه مسؤولون في المملكة أن هناك شركات في دول عربية تاجروا بتلك التأشيرات وأوهموا البسطاء في بلدانهم، وأن بإمكانهم أداء فريضة الحج بمجرد الحصول على تأشيرة زيارة، كما أن هناك أنواعاً أخرى من التأشيرات يُسمح فيها بدخول مواطنين من دول العالم إلى المملكة؛ لأغراض معينة، منها السياحة أو العمرة، أو الزيارات العائلية أو التأشيرات التجارية، وجميعها محدودة المدة، ولكنهم تجاوزوها بشكل أو بآخر.
يمكنني أن أوضح وجهة نظري ببساطة، من خلال العديد من البلدان التي فتحت تحقيقات موسعة مع أعداد كبيرة من الشركات التي قامت بتسهيل الحصول على التأشيرات لدخول المملكة، وإغواء المواطنين وخداعهم بأنهم سيؤدون فريضة الحج بمخالفة أنظمة المملكة التي وضعتها وتعمل عليها بدقة وحرفية عالية، حيث قررت العديد من الدول مخاطبة المملكة كي تعيد النظر في منح تأشيرات الزيارة، والتنسيق فيما بينهما حتى لا يحدث ما حدث مرة ثانية، خاصة بعد تواتر أنباء عن وجود موتى ومفقودين من رعايا هذه الدول، ومازالت الجهود متواصلة لمعرفة مصير المفقودين، ونقل أو دفن من توفوا، كما قامت بعض الدول بإلغاء تراخيص شركات كثيرة تورطت في تلك المخالفات.
وأنا هنا أناشد المسؤولين بإعادة النظر في التأشيرات وأنواعها ومواعيدها وضوابطها وفقاً للضوابط السعودية؛ حتى نضمن النجاح لمنظومة الحج في الموسم والمواسم القادمة، فالنجاح أصبح قدراً ومنهج حياة في المملكة وبقيادة رشيدة قادرة على صناعة ما هو أعلى من النجاح أو الإنجاز.
وليس عيباً أن ننظر في قراراتنا وأهدافنا منها، وما تحقق على أرض الواقع، ثم نحاسب أنفسنا ونبحث عن الأخطاء، فهذا هو الكمال، مع أن الكمال لله وحده.




http://www.alriyadh.com/2081747]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]