هل ينتقل الإنسان أم يهرب من الحياة الواقعية إلى الحياة الافتراضية؟ هل أصبح الجوال في قائمة الاحتياجات الأساسية للإنسان أي في قاعدة هرم الاحتياجات التي لا يعيش الإنسان بدونها (الاحتياجات الفسيولوجية). الإجابة عن هذه الأسئلة لدى السيدة التي قفزت من قطار متحرك لتنقذ حياتها (جوالها) الذي سقط منها أثناء التصوير! كما جاء في الأخبار.
السيدة بررت قرار القفز من القطار بأن هاتفها يحتوي على كافة تفاصيل (حياتها). إنه الحياة!
إنه الجوال الذي جعل كل شيء في جيب الإنسان. هذا الاختراع الذي قدّم للإنسان الكثير من الخدمات والمعلومات وفرص الحوار العالمي، ومساحة بلا حدود للجميع للتعبير والفضفضة وبناء العلاقات وأحياناً بناء العداوات، هذا الجهاز الصغير جعل الإنسان يلازم البيت ليقدم له كل الخدمات والمعلومات، الإجراءات الإدارية، تسديد الفواتير، تحويل الأموال، تحديد المواقع، طلبات الأكل والمشروبات إلخ.
تلك بعض من إيجابيات لا تحصى للجوال تمنع تدخل (لكن). المشكلة أن (لكن) تصر على التدخل، فماذا ستقول: تقول إن الجوال شجع على الكسل وحرم الإنسان من التحرك، وحرمه من التحدث مع الناس بشكل مباشر، صار يتحدث مع الغريب ومع المجهول ولا يتحدث مع من يسكن معه في البيت! نعم تلح (لكن) وتطرح الأسئلة: هل الإدمان على الجوال يؤدي إلى العزلة الاجتماعية أو إلى القلق، ماذا عن تأثيرإدمان الجوال على الأطفال؟ هل وسائل التواصل الاجتماعي تتحول أحياناً إلى وسائل تباعد. هل هي حياة مختلفة يتجرأ على اقتحامها المتناقض والكاذب وناشر الإشاعات والاتهامات ومشعل الفتن والمروج للعنصرية والتعصب. ماذا عن العالم والمثقف والشاعر والطبيب، هل جذبهم العالم الافتراضي ومن كان له التأثير، هل اختلط النقد الهادف بالنقد الهادم؟ هل هجر الناس الكتب، هل يعيش العالم زمن الكتابة المختصرة وما قل ودل؟ هل يبحث الإنسان عن أصدقائه أم عن أعدائه في العالم الافتراضي؟ هل يجد أفراد الأسرة وقتاً للتحدث مع بعض؟ هل أصبحت المجتمعات الإنسانية محاصرة بالترفيه والترند والإثارة والتفاهة، هل أصبحت الكماليات أهم من الأساسيات؟ ماذا عن نار الاشتياق للقاء الأقارب والأصدقاء، هل تنطفئ بماء الجوال لحظة بدء اللقاء، هل الحديث بينهم يدور حول محتويات الجوال أم عن الأحوال؟
هل سيعود الإنسان إلى حياة ما قبل الجوال، هل سيقفز من القطار المتحرك لينقذ جواله أم يترك الجوال في القطار ويقفز بحثاً عن الحرية؟
http://www.alriyadh.com/2081749]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]