تبدو الأزمة المصرفية الراهنة أكثر خطورة مما يتوقعه البعض، ونعتقد، أن فشل بعض البنوك الأوروبية والأمريكية مثل «كريدي سويس» و»سيليكون فالي» لن يكون نهاية المطاف، بل إن الأزمة ستشكل بداية لانعطافات سلبية في الاقتصاد العالمي المأزوم أصلاً، وهنا، يجب أن ندرك أن الاستجابة السريعة والمكثفة من صناع السياسة النقدية تؤشر على أن الأزمة أكثر حدة من المتوسط، بالرغم من أن البنوك المركزية تجري بشكل دوري اختبارات تحمل تهدف للاطمئنان على متانة البنوك المحلية.
تكشف الإسعافات المالية الراهنة بجلاء عن عمق الأزمة، وعلى سبيل المثال، فقد بلغ حجم الدعم الطارئ من البنك المركزي السويسري إلى بنكي «كريدي سويس» و»يو بي إس» من أجل الإنقاذ وتسهيل عملية الاستحواذ 280 مليار دولار، أي ما يعادل ثلث الناتج المحلي الإجمالي لسويسرا، في الوقت الذي قدم فيه الاحتياطي الفيدرالي ضمانات هائلة للمودعين المنكوبين، وهى ضمانات تأتي في المرتبة الثانية بعد ضمانات أزمة عام 2008 الشهيرة، حتى أنه يمكن وصفها بأنها أكبر عملية ضمان في تاريخ الولايات المتحدة، لأن ضمانات الودائع التي تزيد عن 250 ألف دولار سيتم تمديدها إلى القطاع المصرفي الأمريكي على نطاق واسع.
والحقيقة، أن تسارع الإجراءات وشدتها سببه الرئيس هو اعتقاد السلطات النقدية بأن النظام المالي انزلق إلى المرحلة الأولى من الضائقة المنهجية، وإذا كانت الأزمات البنكية الخطيرة تستمر، في العادة، عدة أشهر، وربما سنوات، فإنه من السابق لأوانه، ترويج البعض لفكرة انتهاء الأزمة بدعوى أن السلطات احتوت الموقف، وكأن شيئاً لم يحدث، في المقابل، تبقى الثقة في النظام المصرفي ضرورية لاستعادة زمام الأمور، إذ لابد أن يتيقن المودعون من أن مدخراتهم آمنة ومضمونة تماماً، ولا داعي للقلق.
تحت سطوة الهلع، سحب المدخرون 125.7 مليار دولار من النظام المصرفي الأمريكي، وتكدسوا في صناديق الاستثمار، مما تسبب في تضخم الأصول إلى 5.6 تريليونات دولار مع قيام المدخرين بسحب الأموال من المصارف المنهارة، ليضيفوا 242 مليار دولار لهذه الصناديق منذ 15 مارس، وإذا حصل المودعون على عائدات جذابة، فقد يهجر الكثيرون النظام المصرفي إلى مكان لا يمكن فيه إعادة تدوير الأموال في الاقتصاد على شكل قروض، ولهذا، نعتقد أن صناديق الاستثمار، بعوائدها العالية، تشكل أحد المخاطر المحتملة على النظام المصرفي، وإذا قلصت البنوك الإقراض بسبب تقلص قاعدة ودائعها، فقد يؤدي ذلك إلى تشديد الأوضاع المالية، وربما يؤدي إلى ركود اقتصادي أعمق.
تثير اضطرابات القطاع البنكي الانتباه إلى أهمية تأمين المدخرات، لا سيما إذا كانت تحويشة العمر، أو أصحابها ممن وصلوا إلى مرحلة المعاش التقاعدي، لكن، سلامة الأموال تعد عاملاً واحداً فقط يجب مراعاته عند اختيار البنك، لأنه عند المقارنة بين البنوك، فإنه يتعين على المودع أن يعود خطوة للوراء ويأخذ نفساً عميقاً، ويفكر في البنك الذي يخدم احتياجاته وأهدافه المالية الحالية والمستقبلية، وكيف سيرد له أمواله إذا تعرض لضربة مفاجئة مثل فقدان الوظيفة أو خسارة الدخل، وأن يتحقق من شبكة الأمان لدى البنك إذا قام بالسحب الزائد من حسابه، ويسأل نفسه: ماذا لو مر بأوقات عصيبة، هل سيقدم له القرض اللازم أو يؤخر له دفعات السداد أم يتخلى عنه؟.
http://www.alriyadh.com/2006523]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]