نسي العالم في غمرة تقدم طالبان، ما تم بين هؤلاء الأخيرين وبين الأميركيين في الدوحة - وذلك بفضل وسائل الإعلام ووسائطه، التي أخذت تركز على الانتصارات التي أحرزتها هذه الحركة، وتساقط المحافظات الشمالية والغربية الواحدة تلو الأخرى في أيديها، وفرار قادة الهزارة والطاجيك والأوزبك إلى الدول المجاورة، فطالبان اشترت ذمم من يمكن شرائهم من القادة، في بلد حكومته المركزية فاسدة، لا تدفع الرواتب إلا كل 8 أو 9 أشهر- وذلك على الرغم من أن أفغانستان منذ عام 2010 يعتبر أغنى بلدان العالم باليثيوم، مما رفع تقدير ثروات هذا البلد إلى تريليون دولار تقريباً.
وبالتأكيد، فإن مشهد سقوط العاصمة كابول وفرار الرئيس وسرعة نقل الدبلوماسيين الأجانب والأميركيين على رأسهم وتصاعد الدخان من السفارة التي أخذت على عجل تحرق الوثائق قد غطت على غيرها، فاستسلام كابول التي يحميها جيش دربه الأميركيون، قد فاجأ الجميع، وأذهل معه حتى الأميركيين الذين كانوا يتوقعون سقوط العاصمة خلال أشهر وليس أيام- ولكن يبدو أن الموظفين الحكوميين- الأميركيين منهم والأفغان- قد ظللوا حكامهم بالتقارير الخاطئة.
من ناحية أخرى، فإن العودة إلى مفاوضات الدوحة التي مهدت الطريق أمام طالبان للاستيلاء على السلطة، تغير المشهد 180 درجة، فالأميركيون لم يهزموا في أفغانستان، كما يحلوا للبعض تصويره. فواشنطن، دخلت في مفاوضات مع طالبان، ليس فقط لأن الواقع على أرض المعارك يميل لمصلحة هذه الحركة.
أن إلقاء نظرة سريعة على خريطة أفغانستان، تبين أن منافسي الولايات المتحدة اقتصادياً وعسكرياً سوف يعانون، نتيجة وصول طالبان للحكم- وعلى رأسهم الصين وروسيا، فمناطق مسلمي الإيغور الصينيين تقع على الحدود مع أفغانستان، ولذلك، فإن الأمر هنا يعتمد على النهج الذي سوف تتبعه طالبان في المستقبل، وفيما إذا كانت أفغانستان طالبان سوف تثير المتاعب للصين وصديقتها باكستان في شبه القارة الهندية. كذلك، فإن الحدود الشمالية والشمالية الغربية لأفغانستان هي لدول الفضاء الإسلامي السوفيتي الذين تربطهم بروسيا معاهدات دفاعية، وإلى هذه القائمة يمكن أن نضيف إيران، التي لم تتصالح بعد مع الولايات المتحدة.
إن الفوضى في منطقة تعول الصين على تحويلها إلى منطقة أمنة، وممر لمشروعها: حزام واحد وطريق واحد، يحظى باهتمام الولايات المتحدة التي وضعت على رأس أولوياتها إعاقة تقدم الصين عليها بحلول عام 2028م، كذلك، فإن واشنطن التي تحاول إغراء موسكو بالوقوف إلى جانبها لإمالة كفة ميزان الصراع الاقتصادي مع الصيني لصالحها، لن تترك روسيا ترجح كفة الصراع العالمي في غير مصلحة واشنطن، مهما بلغت القوة العسكرية الروسية.




http://www.alriyadh.com/1902722]إضغط هنا لقراءة المزيد...[/url]